"الإيكونوميست": مشروع استثماري يهدد أقدم كنيسة كاثوليكية في إفريقيا
"الإيكونوميست": مشروع استثماري يهدد أقدم كنيسة كاثوليكية في إفريقيا
أثبتت كنيسة القديس فرنسيس كزافييه في ماليندي قدرتها الفريدة على الصمود في وجه تقلبات الزمن منذ مطلع القرن السادس عشر، فقد شُيّدت الكنيسة الصغيرة في مدينة ماليندي، الواقعة على الساحل الشرقي لكينيا، بعد وصول المستكشف البرتغالي فاسكو دا جاما عام 1498، عندما أمر بإنشاء مركز تجاري دائم، حيث أقام بحّارة بعثته مستوطنة مسيحية متواضعة وسط مدينة ذات أغلبية مسلمة.
ووفقاً لتقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست"، السبت، واجهت الكنيسة خلال القرون التالية تهديدات متكررة من غزوات خارجية، وتدهوراً اقتصادياً، وحتى تآكل الشاطئ بفعل البحر، وبالرغم من ذلك، ظل مبناها قائماً، واعتُبر رمزاً روحياً وتاريخياً بالغ الأهمية بالنسبة للمجتمع الكاثوليكي في أفريقيا جنوب الصحراء.
وواجهت الكنيسة تهديداً جديداً بعد بدء شركة صيد مملوكة لمستثمرين صينيين في بناء مصنع للأسماك مكوّن من ثلاثة طوابق على أرض مجاورة.
عبّر أسقف أبرشية ماليندي، المطران ويليبارد لاغو، عن قلقه قائلاً: "هذا المبنى الشاهق يزعزع حرفياً ومعنوياً أسس إيماننا".
أُقيم المصنع على مسافة قريبة من أساسات الكنيسة، كما حفرت الشركة بئراً للمياه الجوفية في الموقع ذاته، ما أثار مخاوف بشأن الاستقرار الإنشائي للمبنى التاريخي.
اتهم نشطاء محليون حكومة مقاطعة كليفي، التي تقع فيها ماليندي، بمنح التصريح للمشروع دون تقييم أثري أو بيئي كافٍ.
قال سليم علي، وهو صياد تقليدي يقع منزل عائلته خلف الكنيسة: "هناك أمر مريب في كيفية تمرير هذه الموافقة".
احتجاج رسمي وتوقف مؤقت
قدّمت هيئة المتاحف الوطنية الكينية، وهي الجهة الحكومية المسؤولة عن حماية التراث، شكوى رسمية العام الماضي، ما أدى إلى وقف مؤقت لأعمال البناء، دعا المطران لاغو إلى هدم المنشأة بالكامل حفاظاً على الموقع الأثري والديني، إلا أن الشركة الصينية استأنفت القرار القضائي، ما جعل مصير الكنيسة معلقاً بين أروقة المحاكم.
أعرب نشطاء عن خشيتهم ألا تنصفهم المؤسسات القضائية، ما قد يسمح باستمرار المشروع ويدفع الكنيسة نحو التهدم التدريجي.
جسدت كنيسة ماليندي رمزاً معقداً لتاريخ المسيحية في إفريقيا. أسّس سلطان ماليندي تحالفاً مبكراً مع البرتغاليين في بداية القرن السادس عشر، ما فتح الباب أمام التأثيرات الأجنبية الدينية.
توسّعت الكنيسة لاحقاً بدعم من الدول الاستعمارية الأوروبية، التي ربطت التبشير بمصالحها الاقتصادية، بما في ذلك تجارة العبيد.
أثار هذا الماضي الاستعماري تساؤلات بين الكاثوليك الأفارقة حول العلاقة مع الفاتيكان، ودعا القس ستان تشو إيلو، الباحث في جامعة دي بول في شيكاغو، إلى بناء علاقات أكثر توازناً واستقلالية للكنيسة الأفريقية.
دعوات للحماية
شهدت كنيسة ماليندي، في السنوات الأخيرة، تزايداً في عدد المصلين المحليين، بعد أن كانت تعتمد لقرون على المبشرين الأوروبيين، أشار المطران لاغو إلى هذا التحول قائلاً: "الملكية تنتقل من المبشّرين الأجانب إلى أبناء الرعية المحليين".
دفع هذا الارتباط العاطفي والثقافي بالمجتمع المحلي إلى المطالبة بحماية الكنيسة من أخطار التنمية العشوائية، تمثل الكنيسة اليوم، بالنسبة إلى الكاثوليك في كينيا وإفريقيا عموماً، أكثر من مبنى أثري، إنها مرآة لهويتهم الدينية وتحولهم من متلقين للإيمان إلى رعاة له.